الأحد، 12 أبريل 2015
الأحد, أبريل 12, 2015

كلماتك ترسم شخصيتك

الكلمة شأنها جليل وقدرها عظيم، فبالكلمة تتواصل مع الآخرين، وبطريقة حوارك ترتسم معالم شخصيتك، وتتضح مكنونات نفسك وملامح ثقافتك وطريقة تفكيرك، وللكلام فطنة تنبثق من فطنة العقل ونور البصيرة، وهي فطنة قادرة على استيعاب الجميع استيعابا قد تعجز عنه الأموال، ولذلك لا تجد عظيما إلا وكلامه كالدرر ومنطقه ينضح بالحكم. 
ومن فطنة الكلام تنزيل الناس منازلهم، وانتقاء كلام يناسب الأحوال والمقامات.. كان (النضر بن شميل) من أساطين النحو واللغة والأدب، أخذ عن الخليل بن أحمد، وأقام بالبادية زمناً طويلاً فأخذ عن فصحاء العرب، ولما ضاقت عليه الأسباب في البصرة عزم على الخروج إلى خراسان، فشيعه من أهل البصرة نحو ثلاثة آلاف من المحدثين والفقهاء واللغويين والنحاة والأدباء، فجلس لوداعهم بالمربد وقال: يا أهل البصرة، يعز علي والله فراقكم، ولو وجدت عندكم كل يوم كيلجة من الباقلاء ما فارقتكم، فلم يكن يهم واحد يتكلف له ذلك، فسار إلى مرو.
والكلمات الحكيمة مردودها خير يعم المستمع والمتكلم، وقد تغير واقعا بائسا أو تعدل مسارا خاطئا أو تفجر طاقة كامنة، فينتفع ببركتها المجتمع بل ربما البشرية قاطبة .. عندما احترق معمل ومصنع (توماس أديسون) كان عمره حينئذ يناهز السبعة والستون عاماً، وقبل أن يهدأ الركام ويستقر في مكانه أرسل (هنري فورد) -عملاق الاختراعات الحديثة- لأديسون شيكاً بمبلغ 750.000 دولار، وأرفق بهذا الشيك عبارة تقول: «إن أديسون يمكنه الحصول على أي مبلغ يريده بالإضافة إلى هذا المبلغ». 
كان هذا الموقف النبيل والكرم الحاتمي الفريد مثار إعجاب الكثيرين، ولكن أحد الأسباب التي دفعت (فورد) لذلك يرجع إلى موقف قديم عندما كان (أديسون) يعمل في تصميم سيارة كهربائية، وكان قد قام بالفعل بصنع البطاريات التي جعلت هذه الفكرة صالحة للتطبيق إلى حد ما، وحينئذ سمع (أديسون) أن هناك شاباً يُدعى (هنري فورد) يعمل على صنع محرك يعمل بالجازولين. 
ذهب (أديسون) ليقابل هذا الشاب، وطرح عليه بعض الأسئلة، فأجاب (فورد) عن أسئلة (أديسون) بكل دقة وعناية، وفي نهاية المقابلة قال أديسون لـهنري فورد: «عزيزي الشاب، أعتقد أنك ستحقق شيئاً، وأنا أشجعك على الاستمرار في محاولاتك».
قال هنري فورد: «إن كلمات التشجيع التي قالها أكبر المخترعين وأعلاهم مقاماً في الولايات المتحدة الأميركية كانت تعني الكثير بالنسبة لي» .. ونجحت بالفعل المحاولات وأثمرت سيارات تنتفع بها البشرية جمعاء.
ومن بديع الحكم: 
- "من السكوت ما هو أبلغ من الجواب".
- "أفرح بما لم تنطق به من الخطأ مثل فرحك بما نطقت به من الصواب".
وقال ابن محيريز: صحبت فضالة بن عبيد الله -رضي الله عنه- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: -أوصني رحمك الله-: قال: "أحفظ عني ثلاث خصال ينفعك الله بهن:
- إن استطعت أن تَعرف ولا تُعرَف فافعل.
- وإن استطعت أن تسمع ولا تتكلم فافعل.
- وإن استطعت أن تجلس ولا يجلس إليك فافعل".

د. خالد سعد النجار اسلام ويب
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق